نشأ سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وترعرع في كنف التراث وعلى هدى قيمه وأعرافه
وتقاليده، وصاغ معانيه أبياتاً من الشعر وأقوالاً مأثورة، فلقد درس وتخرج في مدرسة التراث، وجعله
نبراساً لسلوكه، وهادياً لأفراد أسرته ومعاونيه، وأبناء مجتمعه، وأهم من هذا وذاك أن سموه ومن
موقع مسؤوليته كرئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة وزعيم عربي مرموق، جعل التراث جزءاً هاماً
من خطابه السياسي، والذي أصبح بحكم مكانته وتأثيره هو الخطاب السياسي لدولة الإمارات العربية
المتحدة، ولقد جعل سموه التراث متكأّ لمشروعه التنموي الريادي، ومن أجل إنجاح هذا المشروع
أنشأ الدواوين والمؤسسات، والهيئات والجمعيات التي قامت بتفعيل التراث وتوظيف دوره في الحياة
العامة، وبتلك الطريقة تم ربط التراث بالحاضر قدر ارتباطه بالماضي، ومن خلال هذه النهج أمكن الخروج
بالتراث من مأزق الظلامية والردة والهزيمة، وكان النأي به عن دائرة التهميش والازدراء، وهكذا صار
بالإمكان صياغة مشروع تراثي معاصر يجعل تنمية المجتمع وبناء الإنسان من أهم مقوماته. نلمس
تفاصيل هذا البرنامج في شتى مرافق الحياة العامة حيث نجده في الحكم والإدارة، وفي التنمية
العمرانية، وفي التربية والرياضة، وفي الإعلام والثقافة، وفي السياحة والتسوق، وفي التوعية البيئية.
عُرف عن صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حرصه على هويته العربية الإسلامية والالتزام
بقيم الآباء والأجداد. كما عُرف عنه كذلك حرص سموه على الاستفادة من تجارب الأمم التي حققت
نهضه علمية وثقافية متقدمة، فقد عمل على نقل تجارب تلك الأمم وخبراتها إلى بلاده، وتسخيرها
لخدمة المواطنين، وتمكن بذلك من تحقيق معدلات عالية من التنمية والرفاهية لعشبه وأبناء أمته. ومن
خلال فلسفته السياسية ومشروعه التنموي نهج دروب التوفيق بين الأصالة والمعاصرة. ويُضاف إلى
ذلك انه سعى لمساعدة الشعوب الأخرى واحترام ثقافاتها، فبادلوه احتراماً باحترام. وبذلك نجح في
جعل قيم التراث العربي الإسلامي مدخلاً للقيم الإنسانية النبيلة التي بشّر بها، وقام بدعمها قولاً وفعلاً،،